وانها لكبيرة الا على الخاشعين

July 20, 2024, 9:36 am
كريم جلايكو لكس

وهذه الآية تريد أن تقول بأنكم أنتم تصلون لي، ولكنكم تتثاقلون من الصلاة بين يدي.. فالإنسان عندما يقول في صلاته: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والحال أنه يعبد غيره ويستعين بغيره، فإن النداء يأتيه ليقول له: ولكنك تستعين بغيري وتعبد غيري. – {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}.. فعندما يطلب من الإنسان شراء بعض الفاكهة وأكلها كي يشفى، فإن المطلوب هو الشفاء وليس الأكل.. وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين. وكذلك فإن الصلاة إقامة لذكر الله عز وجل، فإذا انتفى الذكر انتفت الثمرة.. فإذا اكتشفنا أن الفاكهة لا تشفي، بالتالي سيكون ليس هناك طلب حثيث، للذهاب إلى السوق، وبذل المال لشراء هذه الفاكهة؛ لأن الغرض انتفى. من ذلك نجد أن الذي يصلي وصلاته لا تذكره بالمبادئ والقيم والمُثل، ولا تذكره بالملأ الأعلى، ولا تربط فؤاده بالله عز وجل، يكون قد فقد الثمرة الأساسية.. عندها تصبح الصلاة من باب إسقاط التكليف. بينما يقول رسول الله (ص): (إن من الصلاة لما تقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العشر، وأن منها لما تلف كما يلف الثوب الخلق، يضرب بها وجه صاحبها.. وإنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك).. هذه الصلاة ليس فقط لا نقبلها بل مردودة إليك.

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين

وبالجملة فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب، وقواهما، ودفع المواد الرديئة عنهما، وما ابتلي رجلان بعاهة أو داء أو محنة أو بلية إلا كان حظ المصلي منها أقل، وعاقبته أسلم. وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا، ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة، ولا استجلبت مصالحهما، بمثل الصلاة. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "- الجزء رقم2. وسر ذلك أن الصلاة صلة العبد بربه عز وجل، وعلى قدر صلة العبد بريه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها، وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل، والعافية والصحة، والغنيمة والغنى، والراحة والنعيم، والأفراح والمسرات، كلها محضرة لديه، ومسارعة إليه. والله نسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. شكرلك

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "- الجزء رقم2

هل المطلوب خشوع مئة بالمئة؟ لا أظن أن هناك مسلما في الوقت الحالي قادر على الخشوع مئة في المئة خلال الصلاة لكن كل هو مطلوب هو الاجتهاد قدر الإمكان في أن نفقه ما نقول وألا يكون فمنا يتحرك فقط دون أن نعي ما تنطق به شفاهنا. يقول رسول الله في جزء من حديثه صلى الله عليه وسلم "سددوا وقاربوا"، أي علينا الاجتهاد قدر المستطاع وبقدر الاجتهاد في طرد الوسواس يكون الثواب إن شاء الله. حقا إنها لكبيرة إلا على الخاشعين.

& فإن قيل: هل يشمل هذا الاعتقاد جميع اليهود أو النصارى؟ أقول: هذا الاعتقاد لا ينطبق على جميع اليهود أو النصارى، وإنما هو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، كما في قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً) المائدة 20. والتأريخ يثبت أن الملك لم يتحقق إلا لبعض منهم، وكما هو ظاهر فإن هذا النوع من الاعتقاد يلازم الماديات في جميع حالاتها، وما عبادة العجل إلا واحدة من تلك العبادات، إضافة إلى توسلهم بموسى من أن يجعل لهم إلهاً، وذلك بعد أن أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، وقد نقل القرآن الكريم هذه الواقعة حكاية عنهم، في قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) الأعراف 138. وهذا يدل على أن أولئك الناس ليس لديهم القدرة على بذل الجهد الفكري من أجل الوصول إلى عبادة الحق سبحانه.