ما اصابك من حسنة فمن الله

July 20, 2024, 8:20 am
شاليه هابي لاند
قال ابن كثير معقبًا: وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضًا. قال أهل العلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشك في أن كل شيء بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، كما قال تعالى: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة} (الأنبياء:35). فالآية -موضع البحث- تقرر حقيقة مهمة حاصلها: أن الله سبحانه هو المقدر لكل ما يقع في الكون؛ فما يقع في الكون من خير، فهو بتقديره؛ وما يقع من شر فهو بتقديره أيضًا، لكنه سبحانه -وهو العليم الحكيم- يقدر الشر والضر لسبب؛ فما أصابك أيها الإنسان من خير فهو بتقدير الله، وبسبب من أعمالك الصالحة، وما أصابك من شر فبسبب ذنوبك الطالحة، ولا يظلم ربك أحدًا. إن الإنسان قد يتجه ويحاول تحقيق الخير بالوسائل التي أرشد الله إليها، بَيَدَ أنَّ تحقق الخير فعلاً، لا يتم إلا بإرادة الله وقدره. وكذلك، فإن الإنسان قد يتجه إلى تحقيق السوء. أو يفعل ما من شأنه إيقاع السوء. ولكن وقوع السوء فعلاً، ووجوده أصلاً، لا يتم إلا بقدرة الله وقدره. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة النساء - قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله - الجزء رقم1. فكل أمر في هذا الكون لا ينشأ ولا يتحقق إلا بإرادة الله وقدره. وما يصيب الإنسان من حسنة أو سيئة -بأي معنى من معاني الحسنة أو السيئة، سواء حسب ما يبدو في الظاهر، أو حسب ما هو في حقيقة الأمر والواقع- فهو من عند الله؛ لأنه لا ينشىء شيئًا ولا يحدثه ولا يخلقه ولا يوجده إلا الله.
  1. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة النساء - قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله - الجزء رقم1

إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة النساء - قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله - الجزء رقم1

9977 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك: وأنا الذي قدرتها عليك. [ ص: 560] 9978 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنيه إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح بمثله. قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وما وجه دخول " من " في قوله: " ما أصابك من حسنة " " ومن سيئة " ؟ قيل: اختلف في ذلك أهل العربية. فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت " من " ؛ لأن " من " تحسن مع النفي ، مثل: ما جاءني من أحد. قال: ودخول الخبر بالفاء ؛ لأن " ما " بمنزلة " من ". وقال بعض نحويي الكوفة: أدخلت " من " مع " ما " كما تدخل على " إن " في الجزاء ؛ لأنهما حرفا جزاء. وكذلك تدخل مع " من " إذا كانت جزاء ، فتقول العرب: من يزرك من أحد فتكرمه ، كما تقول: إن يزرك من أحد فتكرمه ". قال: وأدخلوها مع " ما " ومن " ؛ ليعلم بدخولها معهما أنهما جزاء. قالوا: وإذا دخلت معهما لم تحذف ؛ لأنها إذا حذفت صار الفعل رافعا شيئين ، وذلك أن " ما " في قوله: " ما أصابك من سيئة " رفع بقوله: " أصابك " فلو حذفت " من " رفع قوله: " أصابك " " السيئة" ؛ لأن معناه: إن تصبك سيئة ، فلم يجز حذف " من " لذلك ؛ لأن الفعل الذي هو على " فعل " أو " يفعل " لا يرفع شيئين.

كما قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) يخبر تعالى إخبارًا عامًا يعم جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت. • قال السعدي: هذه الآية الكريمة، فيها التزهيد في الدنيا بفنائها، وعدم بقائها، وأنها متاع الغرور، تفتن بغرورها، وتغر بمحاسنها، ثم هي منتقلة، ومنتقل عنها إلى دار القرار، التي توفى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار من خير وشر. قال تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ). وقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). وقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). وقال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ). وقال تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ). وقال تعالى (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً). وقال تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ).