تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ١٩٩

July 20, 2024, 9:17 am
شيرين الوتر الحساس

مثل تلك الأسئلة من المستحيل أن تكون الطبيعة أودعتها بداخل الإنسان، بل من وضعها هو خالق الإنسان والكون، ولعل إعترافات العلماء بقلة ما لديهم من معلومات حول الكون برغم التطور العظيم الذي يحيط بعصرنا الحديث يكون هو خير تأكيداً على قوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.

  1. د. بيومي يتأمل آية »وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً«
  2. وما اوتيتم من العلم الا قليلا - منتدى نشامى شمر

د. بيومي يتأمل آية &Raquo;وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً&Laquo;

وأما قوله: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " أي ما عندكم من العلم بالروح الذي آتاكم الله ذلك قليل من كثير فإن له موقعا من الوجود وخواص وآثارا في الكون عجيبة بديعه أنتم عنها في حجاب. وللمفسرين في المراد من الروح المسئول عنه والحجاب عنه أقوال فقال: بعضهم: إن المراد بالروح المسؤول عنه هو الروح الذي يذكره الله في قوله " يوم يقوم الروح والملائكة صفا " وقوله: " تعرج الملائكة والروح إليه " الآية، ولا دليل لهم على ذلك. وقال بعضهم: إن المراد به جبريل فإن الله سماه روحا في قوله: نزل به الروح الأمين على قلبك " وفيه أن مجرد تسميته روحا في بعض كلامه لا يستلزم كونه هو المراد بعينه أينما ذكر على أن لهذه التسمية معنى خاصا أومأنا إليه في سابق الكلام، ولولا ذلك لكان عيسى وجبريل واحدا لان الله سمى كلا منهما روحا. وقال بعضهم: إن المراد به القرآن لان الله سماه روحا في قوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " الآية فيكون محصل السؤال والجواب أنهم يسألونك عن القرآن أهو من الله أو من عندك؟ فأجبهم أنه من أمر ربى لا يقدر على الاتيان بمثله غيره فهو آية معجزه دالة على صحة رسالتي وما أوتيتم من العلم به إلا قليلا من غير أن تحيطوا به فتقدروا على الاتيان بمثله قالوا: والآية التالية: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك " يؤيد هذا المعنى.

وما اوتيتم من العلم الا قليلا - منتدى نشامى شمر

وما أوتيتم من العلم الا قليلا - YouTube

فالإيجاز هو عين البلاغة، وعندما نقرأ قول الله تعالى ونقارن بين هذا اللفظ الدال أبلغ دلالة والموجز أبلغ إيجاز أمام ما يظهر من علوم الله التي يكشفها لخلقه في الكون وفي الإنسان؛ نجد ما ندرك معه أن هذه العلوم التي يكشفها الله تعالى للإنسان في بدنه وجسمه وقلبه وعقله في الكون المحيط به ما يجعل الإنسان مسؤولاً مسؤولية كبرى أمام هذه العلوم والاكتشافات التي يكشفها له الله عز وجل. فالإنسان يكتشف ولا يبدع، فالطبيب يكشف عن المولود الذي يستره الله بعد أن كان مستورًا، وهذا يجعل المسؤولية تتركز في وجوب الإيمان بالله الذي وسع كل شيء علمه وتفضل على عباده بأجزاء تبدو واحدًا بعد الآخر من علمه الذي يهبه للإنسان، ومع الإيمان تبقى مسؤولية هذا العلم الذي يمنحه الله للعلماء ومسؤولية هذا العلم أن يكون معمرًا لا مدمرًا وأن يهدي البشرية إلى أفضل نظام لا في علاج الإنسان فقط ولا في هدايته إلى منظومة القيم والأخلاق الراقية فحسب. وإنما في التخطيط لحياة الإنسان الذي جعله الله عز وجل خليفة له؛ لكي يعمر الكون والحياة بالنظام الذي أودعه الله في كتابه وفيما سطره على لسان رسوله في السنة النبوية المطهرة. وهذا يجعلنا نختم هذا التأمل بقول الله تعالى { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (سورة الإسراء).